الثلاثاء، 1 مارس 2011

استمتع بالمهارات

المهارات متعة حسية ,لا أعني بها الأجر الأخروي فقط , لا وأنما هي متعة وفرح تشعر به حقيقة ...فاستمتع بها , ومارسها مع جميع الناس ,كبيرهم وصغيرهم , غنيهم , وفقيرهم ,قريبهم وبيعيدهم ...كلهم ... مارس معهم هذه المهارات ...إما لا تقاء أذاهم ...أو لكسب محبتهم ...أو لإصلاحهم ... نعم إصلاحهم
كان علي بن الجهم شاعراً فصيحاً ... لكنه كان أعربياً جلفاً لا يعرف من الحياة إلا ما يراه في صحراء ... وكان المتوكل خليفة متمكناً ... يغدي عليه ويراح بما يمشتهي
دخل علي بن الهجم بغداد يوماً فقيل له :
إن من مدح الخليفة حظي عنده ولقي منه الأعطيات
فستبشر علي ويمم جهة قصر الخلافة... دخل على المتوكل
فرأى الشعراء ينشدون ويربحون ... والمتوكل هو المتوكل... سطوة وهبية وجبروت ... فانطلق مادحاً الخليفة بقصيدة مطلعها :
يا أيها الخليفة...
أنت كالكلب فيحفظك للود ××× وكالتيس في قراع الخطوب
أت كالدلو لا عدمتك دلواً ××× من كبار الدلاْ كثير الذَّنُوب
ومضى يضرب للخليفة الأمثلة بالتيس والعنز والبئر والتراب ... بعدما كان يُشبه بالشمس والقمر والجبال!!
فثار الخليفة ... وانتفض الحراس ... واستل السياف سيفه ... وفرش النطع ... وتجهز للقتل ... لإادرك الخليفة أن علي بن الهجم قد غلبت عليه طبيعته
فأراد أن يغيرها ...فأمر به فأسكنوه في قصر منيف .... تغدو عليه أجمل الجواري وتروح بما يلذ ويطيب
ذاق علي بن الهجم النعمة ... واتكأ على الارائك ... وجالس أرق لشعراء .... وأغزل الأدباء ... ومكث على هذا الحال سبعة أشهر
ثم جلس الخليفة مجلس سمر ليلة ...فتذكر علي بن الهجم ... فسأل عنه , فدعوه له ...فلما مثل بي يديه ... قال : أنشدني ياعلي بن الهجم
فنطلق منشداً قصيدة مطلعها
عيون المها بين الرصافة والجسر ××× جلبن الهوى من حيث ادري ولا أدري
أعدن لي شوق القديم ولم يكن ××× سلوت ولكن زدن جمراً على جمر
ومضى يحرك المشاعر بأرق الكلمات ... ثم شرع يصف الخليفة بالشمس والنجم والسيف
فانظر كيف استطاع الخليفة أن يغير طباع ابن الهجم ...ونحن كم ضايقتنا طباع لأولادنا أوأصدقائنا فهل سعينا لتغيرها ... فغيرناها
ومن باب أولى أن تقدر على تغيير طباعك... فتقلب العبوس تبسماً ... والغضب حلماً والبخل كرماً ... وهذا ليس صعباً ...لكنه يحتاج إلى عزيمة ومراس .... فكن بطلاً
ومن نظر في سيرة محمد صلى الله عليه وسلم وجد أنه كان يتعامل مع الناس بقدرات أخلاقية , ملك بها قلوبهم ... ولم يكن صلى الله عليه وسلم يتصنع هذه الأخلاق أمام الناس ... فإذا خلا بأهل بيته... انقلب حلماً غضباً ولينه غظاً
لا ... ماكان بساماً مع الناس عبوساً مع أهل بيته
ولا كريماً مع الخلق إلا مع ولده وزوجته
لا .... بل كانت أخلاقه سجية ... يتعبد الله تعالى بها ... كما يتعبد بصلاة الضحى وقيام الليل ... يحتسب ابتسامه قربة ... ورفقه عبادة ... وعفوَه ولينَه حسنات ... إن من أعتبر حسن الخلق عبادة
تحلى بها في جميع أحواله ... في سلمه وحربه ... وجوعه وشبعه ... وصحته ومرضه ... بل فرحه وجزنه
نعم ... كم من الزوجات تسمع عن أخلاق زوجها ... وسعة صدره ... وابتسامته وكرمه ... ولكنها لم تر من ذلك من شيئاً ... فهو في بيته سيئُ الخلق ... ضيق الصدر ... عابيُ الوجه ... صخاب لعان ... بخيل ومنان
أما هو صلى الله عليه وسلم هو الذي قال : ( خيركم خيرُكم لأهله , وأنا خيركم لأهله )
وانظر كيف كان يتعامل مع أهله ... قال الأسود بن يزيد : سألت عائشة رضي الله عنها ما كان رسول صلى الله عليه وسلم يصنع في بيته ؟
فقالت : يكون فى مهنة أهله ...فإذا حضرت الصلاة يتوضأ ويخرج للصلاة ... وقل مثل ذلك مع الوالدين
فكم هم أولئك الذين نسمع عن حسن أخلاقهم ... وكرمهم وتسهم ... وجميل معاشرتهم للآخرين
أما مع أقرب الناس إليهم ... واعظم الناس حقاً عليهم ... مع الوالدين والزوجة والأولاد فجفاء وهجر
نعم ... خيركم خيركم لأهله ... لوالديه ... لزوجه ... لخدمه ... بل ولأطفاله
في يوم مليء بالمشاعر ....يجلس أبو ليلى رضي الله عنه عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ...فيلأتي الحسن أو الحسين يمشي إلى النبي صلى الله عليه وسلم ... فيأخذه صلى الله عليه وسلم ... فيقعده على بطنه
فبال الصغير على بطن رسول الله صلى الله عليه وسلم ...قال أبو ليلى : حتى رأيت بوله على بطن رسول الله صلى الله عليه وسلم أساريع
قال : فوثبنا إليه ... فقال صلى الله عليه وسلم :دعوا ابني ... لا تفزعوا ابني... فلما فرغ الصغير من بوله ... دعا صلى الله عليه وسلم بماء فصبه عليه
فلله دره كيف تورضت نفسه على هذه الأخلاق ... فلا عجب إذن أن يمكل قلوب الصغار والكبار
رأي...
بدل أن تسب الظلام ... حاول إصلاح المصباح


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق